اعلان ادسنس

20‏/07‏/2015

نمل في بحر الصرفند: شفيع للمحتاجين وقبلة نذرهم!

النمل من المخلوقات الصغيرة والضعيفة التي حيك حولها الكثير من القصص التي تنتهي غالباً بعبرة ما، وقد جاء في الكتب أن سليمان الحكيم غير مسار جيشه بعدما أنصت لحديث نملة إلى صويحباتها، لكن أن يغير النمل مصير حياة أناس يقصدونه، فهذا ما لم يكتبه التاريخ، وما لم يكتبه التاريخ ولا الحاضر أيضا أن يعيش النمل في البحر.
من يقصد بلدة الصرفند، قضاء الزهراني، لا بد أن يسمع من أهلها حكايات تنطوي على شيء من الغرابة أو ربما الخرافة، عن قرية نمل تقوم على صخرة قبالة شاطئها، يقصدها من سدت بوجههم أبواب الدنيا، فينذرون لها النذور، وعندما تتحقق أمانيهم المستعصية يعودون إليها حاملين أكياس القمح التي نذروها. كيف يحافظ النمل على حياته وسط الماء وعلى بعد ثلاثين متراً من الشاطئ؟ يتساءل بعض سكان المنطقة، شارحين: "هنا تكمن الأعجوبة، التي لا تفسير لها، ومن هنا نحن نؤمن بكرامة هذه المخلوقات، ونستشفع بها عند الله".
ينقل كبار السن و"البحرية" القدامى عن أجدادهم أنه كان هناك صخرة كبيرة متصلة بالشاطئ، وكان النمل يعيش فيها، ومع مرور السنين، تآكلت الصخرة ربما بسبب الأمواج العاتية أو لأسباب لا يعرفونها، فانقسمت إلى نصفين، وبذلك أصبح النمل يعيش في صخرة وسط الماء.
يشرح حليم البحار العتيق موقع قرية النمل، الذي رآه بأم العين قبل 14 سنة يوم قصده لإيصال نذر قمح، ويقول: "الصخرة تظهر على سطح الماء، والنمل يعيش فيها بقدرة الله، ولهذا السبب تحولت إلى مكان مقدس، وصار أصحاب الحاجات ينذرون لها القمح وعندما تتحقق نذورهم يقصدون الصخرة خصوصا في الربيع لأنها تكون واضحة بسبب انخفاض المياه أما في الشتاء فتغمرها الماء فيتم تكليف الصيادين بالمهمة". ويضيف: "الجيل الجديد في القرية لا يعرف عن جحر النمل والنذور شيئا لكن البحارة القدامى يعرفون ومن نذر وتحقق نذره، فآمن فيه وحمل له القمح بالفلوكا"، ويغمز مبتسما "أنا حملت له نذرا كثيرة".
تبعد صخرة النمل في منطقة البرك عن شاطئ العاقبية مسافة دقيتين ب"الفلوكا"، ويقول عبد  صاحب "فلوكا" صغيرة للصيد: "إيجار النقل للصخرة أو جب النمل لا يكلف كثيراً، أكيد الناس يدفعون لأن المهم  إيفاء النذور"، لافتا النظر إلى أنه "في بعض الأحيان يقصد البعض الصخرة مشيا في الماء"، ويتابع "في الحقيقة في السابق كان الناس يقصدون جب النمل ويقدمون نذرهم   الىن يبدو أن إيمانهم خف إذ أن الجيل الجديد لا يهتم كثيرا بذلك".
أما الصياد أبو عدنان فيصنف قاصدي صخرة النمل، إلى فئات، ويقول: "هناك من يقصد الجب للتفرج، وهناك أناس يذهبون لإيمانهم بقدرة الله وعظمته ومنهم من يحب المغامرة ويريد التأكد من وجود النمل وهناك من يأتي للإيفاء بالنذر". ويتابع: "قصة أن يعيش النمل وسط الماء أمر لا يستوعبه العقل".
تنتهي شهادات الصيادين ومشاهداتهم عندما تبدأ حكايات أصحاب النذر، فيقول الحاج أبو حسين: "عانيت كثيراً بسبب مرض ابنتي منذ اليوم الأول لولادتها، وتعبت من زيارة الأطباء، وفي يوم لم يكن في جيبي مالاً لمتابعة العلاج، نذرت القمح لجب النمل، ولا أعرف كيف تيسرت الأمور في الصباح، الله أرسل لي من يساعدني في علاجها، قد لا يكون لما حدث علاقة بالنمل، لكن منذ أن وقعت هذه الحادثة آمنت بكرامته عند الله".
تعيش سوسن خليفة في منزل يبعد أمتارا قليلة عن قرية النمل، في منطقة البرك بالقرب من شاطئ العاقبية تقول: "أهل المنطقة في العاقبية والصرفند يعتبرونها صخرة مبروكة يعيش عليها النمل وعندما يجوع  يناجي ربه ليرزقه، ومن هنا ولد اعتقاد عند الناس أن الله يوحي للمؤمنين أن يندروا للنمل القمح، وهكذا عند تحقق النذر  يأخذوا القمح ويضعونه على الصخرة"، مؤكدة أن أعداد النمل في هذه الصخرة هائلة  وتوضح "رأيت بأم العين حشرات تشبه سرطان البحر الصغير لكن بشكل النمل"، وتضيف: "في فصل  الربيع من كل سنة، يغطي الرمل الصخرة ويصبح بمقدورنا أن نسير إلى الجب، لأن عمق المياه لا يتجاوز الركب في ذلك الوقت".
ومن القصص المشهورة عن الصخرة الموجودة فيها قرية النمل في البحر،  قصة تعود لفترة الثمانينيات يذكرها المختار، عندما غرقت سفينة محملة بالسمسم بالقرب من منطقة الصرفند، ووصل السمسم الى صخرة النمل، في حينها "قيل أن  النمل كان يشعر بالجوع والله رزقو"، تروي سوسن حتى"أخي أتى بكيس سمسم قذفته المياه إلى الشاطئ".
أما هنية، فقصتها مع جحر النمل الذي في البحر ، لها نكهة الانتصار على القدر، فهنية أنجبت خمس بنات متتاليات، ليس بينهن ذكر، ما أثار غضب زوجها الذي هددها بالزواج من امرأة تنجب له ولياً للعهد، فلجأت إلى العرافين، ونفذت كل ما نصحوها بفعله، قطعت فوق سبع موجات، ربطت حجاباً حول خصرها، اغتسلت خارج البيت في ليلة باردة، أرسلت مع زوار العتبات المقدسة خرقاً من أثوابها، ولم يأت الصبي.
وفي أحد الأيام كانت في زيارة لابنة خالتها في بلدة الصرفند، التي نصحتها قائلة: "يا بنت خالتي جربي هالنذر، انذري لجحر النمل يلي بالبحر، ومش رح تندمي". تقول هنية: "ولأن الغريق يتعلق بقشة، نذرت 5 كيلو قمح لجب النمل، وكان الخبر السار أنها حملت بعد شهرين بولد. وصرت أم علي ع سن ورمح".
على شاطئ العاقبية بالقرب من بلدة الصرفند عصر ذلك اليوم، كانت تقف امرأة قبالة الصخرة المبروكة، تردد موالاً بلدياً حزيناً، كأنها تطلب من النمل العجيب أن يرأف بحالها: "وقفت عالبحر بكاني السفر، مين متلي تلوع ومين أدي نطر، مع كل موجة رايحة ببعت سلام، ومع كل موجة راجعة بنطر خبر".

المصدر السفير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وما يذكر من قول الا ولديه رقيب عتيد
اذا كنت مستخدم لديك حسابات في جوجل يمكنك ترك تعليق
او الاشتراك عن طريق البريد الإلكتروني
ملاحظة هامة: ان الموقع لا يدرج أي تعليق يتضمن كلاما بذيئا أو تهجما على أي شخص أو جهة أو هيئة كما لا ينشر التعليقات التي تثير العصبيات الطائفية أو المذهبية
إن التعليقات الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع وهي على مسؤولية أصحابها بشكل كامل

الأكثر مشاهدة